المسيرة الخضراء: ملحمة وطنية لاستكمال الوحدة الترابية للمغرب

الجهوية الجديدة

شكلت المسيرة الخضراء محطة تاريخية ذات دلالات عميقة تؤرخ لصفحات مشرقة من النضال الذي خاضه المغاربة ملكا وشعبا، في مسيرة تحقيق واستكمال الوحدة الترابية، وحدثا يلهم الأجيال في النضال من أجل إعلاء صروح المغرب الجديد، وتعزيز مكانته بين الأمم والشعوب.
كما تجسد المسيرة الخضراء، التي خطط لها جلالة المغفور له الحسن الثاني، وانطلقت فيه جماهير المتطوعين من كل شرائح المجتمع المغربي سنة 1975 صوب الأقاليم الجنوبية لتحريرها من براثن الاستعمار الإسباني، أروع صور التلاحم بين العرش والشعب المغربي، من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية.
وقد أظهر هذا الأسلوب الحضاري السلمي الفريد من نوعه، للعالم أجمع، صمود المغاربة وإرادتهم الراسخة لاسترجاع حقهم المسلوب، وعزمهم على إنهاء الوجود الأجنبي والاستيطان الاستعماري، حيث حققت المسيرة أهدافها، وحطمت الحدود المصطنعة بين أبناء الوطن الواحد، مستندة إلى كتاب الله، والدفاع عن حمى الوطن، والتمسك بالفضيلة وبقيم السلم والسلام في استرداد الحق المسلوب.
وأمام الحشود الغفيرة المسلحة بالمصحف الكريم والعلم الوطني التي ناهز عددها 350 الف متطوع، لم تمتلك سلطات الاحتلال الإسباني إلا الرضوخ لإرادة الملك والشعب في استكمال وحدة الوطن، لتصبح بذلك هذه المسيرة حدثا تاريخيا شد أنظار العالم وخلف أصداء كبيرة، وعكس عزم وإرادة وإيمان المغاربة وتعبئتهم التامة والشاملة من أجل استرجاع الأراضي المستلبة، كما تكللت هذه الملحمة بنصر المغاربة الذين رفعوا راية الوطن في سماء العيون بتاريخ 28 فبراير 1976، إيذانا بانتهاء فترة الاحتلال والوجود الأجنبي بربوع الصحراء المغربية، ليليها استرجاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979.
وقبل انطلاق المسيرة الخضراء يوم 6 نوفمبر 1975، كان جلالة المغفور له الحسن الثاني، طيب الله ثراه، قد أعلن، في 16 أكتوبر من سنة 1975، عن تنظيم المسيرة الخضراء، التي شكلت سابقة في تاريخ التحرر من الاستعمار، واسترجاع الصحراء التي لم تكن إلا أرضا مغربية، تجمع سكانها بسلاطين المغرب روابط البيعة .
ومهدت المسيرة الخضراء المظفرة لانطلاق مسلسل البناء والتنمية بالأقاليم الجنوبية للمملكة، حيث بدأت تعبئة وطنية حقيقية من أجل النهوض بمختلف آليات التنمية بهذا الجزء الأصيل من التراب الوطني بغرض محو مخلفات المرحلة الاستعمارية وتمكين هذه المناطق من بلوغ ركب التنمية على غرار باقي جهات المملكة.
وتم إرساء هذا التحول الجذري على أسس متينة أقامتها المملكة لتطوير البنيات التحتية الحيوية في منطقة لم تشهد أي تنمية اقتصادية أو اجتماعية خلال فترة الاحتلال الإسباني، حيث تعيش الأقاليم الصحراوية اليوم، وبعد ما يزيد عن أربعة عقود من استرجاعها، على وقع دينامية متجددة تهم كافة مجالات التنمية، على الخصوص، التعليم والصحة، والتهيئة الحضرية، والطرق والماء والطاقات المتجددة والفلاحة والنقل، والسياحة والتشغيل، والصناعة التقليدية، والصيد البحري، والبيئة والثقافة.
ويعمل المغرب على تنمية أقاليمه الجنوبية من خلال إشراك وإدماج كل مكونات الساكنة المحلية، بما فيها القبائل والنساء والشباب والفاعلين ‏السياسيين، خاصة بعد إطلاق جلالة الملك محمد السادس للنموذج التنموي الجديد ‏للأقاليم الجنوبية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.