عيد العرش 2025: المغرب يَحتفي بالعرش ويُكرّس مسار الإنجاز

الجهوية الجديدة

في كل عام، تحل ذكرى عيد العرش المجيد يوم 30 يوليوز محمّلة بدلالات الوفاء والولاء، ومرتبطة في وجدان المغاربة بمسيرة استثنائية من البناء والعطاء تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس. لكن عيد العرش لهذه السنة حمل نكهة خاصة، حيث تزامن مع لحظة مفصلية في تاريخ المملكة، تُوّجت خلالها إنجازات نوعية تؤكد أن المغرب ماض بثبات نحو المستقبل.

فمن بين أبرز التحولات التي شهدها العام، إعلان انطلاق مشروع القطار فائق السرعة الذي سيربط القنيطرة بمراكش، باستثمار يناهز 53 مليار درهم. هذا المشروع الاستراتيجي سيمكن من تقليص زمن التنقل بين طنجة والجنوب إلى أقل من ثلاث ساعات، ويكرس الربط الفعّال بين الجهات الكبرى، في خطوة تعكس إيمان الدولة العميق بعدالة التنمية المجالية وحق جميع المواطنين في البنية التحتية الحديثة. ولتعزيز هذا المسار، تم أيضًا إطلاق برنامج غير مسبوق لتحديث الأسطول السككي الوطني عبر اقتناء 168 قطارًا جديدًا، بعضها بسرعات فائقة تتجاوز 300 كلم في الساعة، ما يعزز موقع المغرب كرائد في النقل السككي بالقارة الإفريقية.

هذا الحراك الاقتصادي لم يقف عند حدود النقل، بل امتد إلى مجالات الصناعة والابتكار، حيث شهدت سنة 2025 توسيع مصنع Stellantis في القنيطرة ليرتفع إنتاجه إلى أكثر من نصف مليون سيارة سنويًا. ويواكب هذا التوسع إطلاق مشاريع موازية للبحث والتطوير في مجالات الطاقة والسيارات الكهربائية، في مؤشر على تحول حقيقي نحو اقتصاد المعرفة والصناعة الذكية. وفي السياق ذاته، أطلقت المملكة أول مدينة لصناعة ألعاب الفيديو في إفريقيا تحت اسم “Rabat Gaming City”، لتفتح بذلك المجال أمام آلاف الشباب المغاربة للانخراط في الصناعات الثقافية الرقمية وتحويل الشغف إلى فرص اقتصادية حقيقية.

ومواكبة للتحديات البيئية، أولت المملكة اهتمامًا خاصًا بالأمن المائي والطاقي، إذ خُصصت ميزانية تفوق 4 مليارات دولار لإقامة محطات تحلية في الدار البيضاء وأكادير ومناطق أخرى، إلى جانب مشروع طموح لدعم شبكة الكهرباء الوطنية عبر استثمارات تناهز 27 مليار درهم، بهدف بلوغ استقلال طاقي ينسجم مع التزامات المغرب البيئية الدولية.

ولأن 2025 سنة استثنائية بكل المقاييس، فقد تميزت أيضًا باستعدادات كبرى لاحتضان كأس الأمم الإفريقية، حيث جرى تأهيل عدد من الملاعب والمنشآت الرياضية في مختلف المدن، تأكيدًا لقدرة المملكة على تنظيم كبريات التظاهرات القارية والدولية، خاصة في أفق تنظيم كأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال.

وموازاة مع كل هذه الأوراش، يواصل المغرب تعزيز حضوره الإقليمي والدولي، عبر شراكات اقتصادية متقدمة، وتنظيم معارض دولية كبرى مثل GITEX Africa، الذي تحوّل إلى موعد سنوي تستعرض فيه القارة طموحاتها الرقمية انطلاقًا من أرض المملكة.

إن عيد العرش المجيد لهذه السنة لم يكن مجرد لحظة احتفال رمزية، بل محطة تأمل واعتزاز بمسار ملكي راكم من الإنجازات ما يجعل المغرب اليوم نموذجًا إقليميًا في التنمية المتوازنة. فبفضل الرؤية الملكية المتبصّرة، والتفاف الشعب حول مشروعه الوطني، دخلت المملكة مرحلة جديدة من النمو، عنوانها السيادة، والعدالة، والابتكار. وبين ما تحقق، وما يُحضّر، يبدو المستقبل المغربي واعدًا أكثر من أي وقت مضى.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.