عبيد من الشمال- أسياد من إفريقيا

أحمد الشريف
قاص وروائي مصري .

صدر منذ فترة الجزءان الأول والثاني من سلسلة كتاب “عبيد من الشمال- أسياد من إفريقيا” للكاتب والصحفي النرويجي تور بيورن أودجوورد، هذا الكتاب مشروع يعكف الكاتب عليه منذ سنوات. “البداية تعود بنا إلى معرض دانماركي بعنوان “قراصنة وعبيد مسيحيين” قدمه متحف في مدينة إسبيرج Esbjerg هذا المعرض نقل إلى مدينة أوسلو وزود بمادة وثائقية من المتحف البحري بمدينة برجن Bergen النرويجية، إضافة إلى مادة من مخطوطة كتاب “عبيد من الشمال…..” يعني هذا أن موضوع الكتاب والمعرض له علاقة قوية بالدانمارك والنرويج، وإذا فتحنا القوس سنجد أن أوروبا بصفة عامة والشرق ودول شمال إفريقيا طرفا في الموضوع.
وضمن ما سرد من تفاصيل ويوميات من وقعوا في الأسر، حكاية “هارك أولوفس” دانماركي الجنسية، فقد كان يبلغ من العمر اثنتي عشر عامًا عندما تم تعيينه كصبي أو عامل مساعد على سفينة، وبعد ثلاث سنوات تم القبض عليه من قبل قراصنة شمال إفريقيا قبالة القناة الإنجليزية، كان مقررًا أن يتم بيعه كعبد. في الجزائر اشتراه رجل ثم بيع في اليوم التالي لرجل احتفظ به لمدة أربعة عشر يومًا، قبل بيعه لحاكم محلي، وقد مكث أحد عشر عامًا حتى تم شراؤه أو دفع المال لتحريره.
مع ذلك قصته ليست فريدة في نوعها، كان هناك عدة آلاف مثله. تدريجيا طوال تلك الحقبة زاد عدد السفن التجارية النرويجية وتم اختطاف العديد منها وفي 1620 بدأت الرسائل تتدفق إلى برجن من البحارة النرويجيين الذين كانوا يعيشون في العبودية، في هذه الرسائل كانت هناك استغاثات إلى عائلاتهم لطلب المال من أجل إطلاق سراحهم. قالوا أيضًا إن المبالغ التى طلبها القراصنة من أجل تحرير هؤلاء المخطتفين كانت مرتفعة جدًا وكما ذكر الكاتب، نحو 2 أو 3 ملايين كرون نرويجى بعملة هذا الوقت. كان أيضا من بين من اختطفوا نساء. وفى أسواق العبودية تم بيع هؤلاء العبيد البيض كل عام، وفى سوق سلا بالمغرب كان السلطان ومندوبه من بين أكبر المشترين، ويقال إنه اشترى وحاز على أكثر من 250 ألف عبد أوروبي، نفس الأمر كان بأسواق الجزائر وتونس وطرابلس.
لقد حظي المعرض/ الكتاب، باهتمام كبير في الدانمارك والنرويج، كما ركزت الصحافة والتلفزيون والاذاعة على هذا المعرض، ربما لأن المعرض والكتاب والوثائق يضيفون أبعادًا أخرى جديدة للعلاقة بين الشرق والغرب. لقد كان هناك حوار مع الكاتب تور بيورن أودجوورد في الإذاعة وأجاب عندما سُئل، لماذا هذا الجزء من التاريخ غير معروف؟ قائلا: إن ” الفخر القومي والرغبة الدائمة في ذكر الانتصارات دون الاحباطات، هو ما جعل هذا الموضوع غير معروفٍ. هذا أولًا، ثانيًا، والحديث لايزال للكاتب، صعوبة الحصول على المادة عن هذا الموضوع، خاصة والمادة موجودة في أماكن وبلاد مختلفة ومنذ فترة طويلة.”، لقد ذكر الكاتب أنه تم خطف وأسر نحو مليون من كل أوروبا وتم بيعهم كعبيد في أسواق: الجزائر، المغرب، تونس وليبيا. هؤلاء الذين خطفوا كانوا عمالًا أو تجارًا، يبيعون السمك على سفن تجارية. لم ينس الكاتب ذكر أن للموضوع بعض الخلفيات التاريخية، بخاصة أن في تلك الفترة كانت أحداث طرد المسلمين من إسبانيا والأندلس، لا تزال حاضرة بقوة في الأذهان. على أية حال سواء اتفقنا أو اختلفنا مع الكاتب ولحين تظهر معلومات جديدة عن الموضوع ومن زوايا مختلفة، ومن الطرف الثاني – دول شمال إفريقيا- سأقوم بترجمة الكلمة التى كتبت في صدارة المعرض وكتالوجه، رغم ما قد يبدو في هذه الكلمة من اضطراب وعدم اتساق والقفز السريع من فكرة إلى فكرة، أيضًا لن أعلق أو أوضح شيئًا في الهوامش لأنني ببساطة ليس عندى معلومات ومواد وثائقية مغايرة.
“في الفترة ما بين 1500و1830 تم اختطاف وأسر آلاف من الأورببيين من قبل القراصنة وبيعوا كعبيد في مدن الشمال الإفريقى. هذا المعرض يلقي نظرة على هذا الموضوع، وعلى اللقاء غير المعروف جيدًا ما بين أناس من بلاد الشمال، والأتراك من الإمبراطورية العثمانية. عدد كبير من هؤلاء العبيد كانوا من الدانمارك والنرويج. فيما بعد نشر نفر من هؤلاء العبيد تفاصيل ما حدث وخبراتهم في الأسر. من هؤلاء بحار دانماركي يدعى “هوركولاس” وبحار ثانٍ نرويجي يدعى “يواكيم شارم”.
ويمكن اعتبار ما نشراه عن زمن العبودية وتلك الفترة، فصلًا من فصول العنف وجبروت السياسة، أيضًا يمكن اعتباره فصلا من فصول الأفراد وصدامهم أو معارفهم الأولى مع عادات وثقافات جديدة. كما يمكن ذكر هذا التناقض غير المريح، فعندما كان المصلون يتم إرسالها من البيوت والكنائس في النرويج للعمل، أخذوا أو وقعوا في العبودية في مدن شمال إفريقيا. يجدر القول كذلك إن السفن الدانماركية النرويجية وقعت أيضًا مع العبيد الأفارقة الذين أسروا وقيدوا إلى الذهاب للعالم الجديد بمباركة الكنيسة والدولة. لكن كيف وقع البحارة وسكان المجتمعات الساحلية في العبودية؟، وهل كان الصراع الديني في خلفية الصراع بين الغرب المسيحي ومسلمي شمال أفريقيا؟”. هذا ما سوف تجيب عنه جديد المعلومات والكتب والوثائق والمخطوطات في قادم الأيام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.