تحل اليوم الذكرى 14 لفاجعة انهيار صومعة مسجد باب بردعيين بالمدينة القديمة لمكناس، و التي راح ضحيتها 41 شهيدا قضوا نحبهم تحت الركام، بالإضافة الى تسجيلها 80 جريحا.
و تعود فصول الفاجعة ليوم الجمعة 19 فبراير 2010، عندما كانت الساعة تدنو من 12:45، و في اللحظة التي كان يردد فيها مأموم المسجد المذكور عبارة ”انصتوا رحمكم الله ” التي تسبق آذان صلاة الجمعة، فتح احد المؤذنين باب مقصورة الآذان المتصلة مباشرة بالصومعة كي يرفع الآذان، فإذا بالصومعة تنهار في وقت لا يتجاوز 10 ثواني و تزهق معها ارواح 32 مصليا على الفور و العشرات من الجرحى بسبب قوة الركام الذي احدثه الانهيار.
و بعد عملية البحث العصيبة عن الناجين و الشهداء المحتجزين تحت ركام الاتربة و الاحجار الذي خلفه الانهيار تمكن السكان المتطوعون بمساعدة كافة ممثلي السلطة من وقاية مدنية و أمن وطني و جيش و درك و قوات مساعدة من انتشال المزيد من الجثث حيث بلغ عدد الشهداء 41 فيما وصل عدد الجرحى 80 حسب الاعلام الرسمي، كما استغرقت عملية البحث و الانقاذ وقتا طويلا نظرا لعدم استعمال اي معدات ثقيلة لازاحة الركام و هذا راجع إلى موقع المسجد داخل دروب المدينة القديمة الضيقة.
و في اليوم الموالي اقيمت صلاة الجنازة على الشهداء بعد صلاة الظهر بالساحة المجاورة للمسجد، حيث غطى المشيعون كل الطرقات و المسالك في جو مهيب و في مشهد استثنائي قل نظيره، ليتم بعد ذلك دفنهم بمقبرة الشهداء بمكناس.
ومنذ ذلك اليوم انقلبت حياة أسر رأسا على عقب، أطفال أضحوا يتامى في رمشة عين، نساء اصبحن ارامل دون سابق انذار، و أسر باتت فريسة سهلة للفقر بعد فقدانهم لمعيلهم الوحيد.
وللاشارة فقد شيد مسجد باب بردعيين في عهد السلطان مولاي اسماعيل و صمد لأزيد من ثلاثة قرون، و كان قد خضع لعملية اصلاح و ترميم، و اعاد فتحه الملك محمد السادس في ابريل سنة 2008 و ادى فيه صلاة الجمعة، إلا أن حريقا شب بورشة للنجارة مجاورة للمسجد في يوليوز 2009 ادى الى اضعاف توازن الصومعة نظرا لامتداد ألسنة اللهب على قاعدتها بالاضافة الى استعمال الوقاية المدنية لخراطيم مياه قوية، مما ادى الى ميلان و اعوجاج في الصومعة لدرجة أنه كان يظهر للعيان بشكل واضح، حيث توالت الايام و لم تكثرت السلطات لشكايات السكان المجاورين للمسجد حول خطورة وضع الصومعة، لتبقى على حالها دون اصلاح. و قبل انهيار المسجد بيومين و بينما كان المؤذن يتفقد الصومعة، سقط عليه حجر متوسط الحجم كاد به ان يفقد حياته لولا الالطاف الالهية، ناهيك عن التراب الذي كان يتساقط من اعلى الصومعة بشكل كثيف في الايام الاخيرة قبل وقوع الفاجعة.
وقد اعيد فتح المسجد في وجه المصلين سنة 2014 بعد اربع سنوات من اعادة ترميمه الذي اخذ بعين الاعتبار الحفاظ على المعمار المغربي التقليدي الأصيل للمسجد، كما تمت اعادة بناء صومعته بطريقة مطابقة للصومعة الأصلية رغم استعمال مواد بناء عصرية وأكثر صلابة.
جدد الله رحماته على شهداء الفاجعة.