قاعات الأفراح في المغرب: القانون في إجازة والزغاريد في دوام كامل
طنجة – من مراسلنا المحاصر بين "النكافة" والمفرقعات
المقال من توقيع حنان عزوز
بينما تُغلق الإدارات أبوابها عند الخامسة مساء، تبدأ “قاعات الأفراح” عملها الحقيقي عند التاسعة ليلاً، في عرضٍ مجاني (ومؤلم) لسكان الحي، تستمرّ فصوله حتى مطلع الفجر، تحت شعار: “إذا لم تكن مدعوًّا… فأنت محاصر!”
الفصل الأول: صوت الزفاف أقوى من صوت القانون
في بلادنا، لا شيء يوقظك من نومك مثل ثلاثي الرعب: “الدقايقية، المفرقعات، والنكافة اللي كتبرح فـ 3 دالصباح”.
المفرقعات تُطلق وكأننا نحتفل باستقلال البلاد، والدقايقية يقرعون طبول الفرح فوق أعصاب الجيران، بينما “النكافة” تصرّ على تذكيرنا بأن العرس المغربي لم يعد “عُرْسًا”، بل حربًا صوتية مصغّرة.
أما الجارة في الزنقة الرابعة، فقد دخلت في مرحلة إنكار الواقع، وتؤكد أنها لم تنم منذ آخر حفل زفاف جماعي سنة 2010، وتفكر جديًا في استبدال الستائر بعوازل صوتية… من الإسمنت المسلح.
والمثير للسخرية، أن كل هذه “الاحتفالات” تقع في كل ليلة، حيث مفهوم الأسبوع لم يعد يُقاس بالأيام، بل بعدد الأعراس في الحي.
الفصل الثاني: التراخيص على ورق الزينة
هل هذه القاعات مرخصة؟ سؤال وجودي لا يجرؤ أحد على طرحه. فصاحب القاعة يلوّح برخصة تعود إلى سنة 1998، موقّعة من “شي موظف مشا للحج ومارجعش”، بينما تواصل القاعة استقبال حفلات من ثلاث طبقات:
• عرس النهار
• عرس الليل
• وعرس ما بعد منتصف الليل (الذي يُعتبر تجربة روحانية للسكان المجاورين)
الفصل الثالث: الساكنة… في الإنعاش النفسي
“أنا ما بقيتش ساكن فهاد الحي، أنا معتقل فيه”، تقول إحدى ساكنات حي يعج بقاعات الأفراح، التي قررت أخيرًا التعايش مع الضجيج واعتباره موسيقى خلفية لحياتها.
أطفال الحي يعانون من اضطراب “العمارية المفاجئة”، إذ يقفزون كلما سمعوا زغاريد في الشارع، حتى وهم في المدارس.
بينما كبار السن، اختاروا الهجرة… إلى أقصى ركن في المنزل، بحثًا عن لحظة صمت أو تأمل.
الفصل الرابع: القانون خارج التغطية ليلة العرس
حسب المادة 47 من القانون رقم 11-03 المتعلق بحماية البيئة تُلزِم بوجوب التخفيض من الضوضاء الناتجة عن أي نشاط (حفلات، مشاريع، مكبرات صوت…) وأن يُخضع لمعايير وضوابط صارمة. لكن يبدو أن هذه المادة تشتغل فقط في القرى الهادئة أو على أوراق القانون.
أما في المدن، فالقانون يبدو وكأنه يحضر العرس نفسه، جالسًا في الصف الأمامي، يصفّق للنڭافة ويطلب “إعادة المقطع الأخير”.
خاتمة: اقتراحات عملية (ساخرة جدًا)
بعد كل هذا الصداع الجماعي، والليالي البيضاء، والمفرقعات التي تُطلق بلا ترخيص ولا رحمة، لا يسعنا إلا أن نقدّم حلولا واقعية للغاية… ولكن للأسف غير قابلة للتطبيق إلا في كوكب آخر.
فما دام القانون “كيكتب ويسكت”، والجيران “كيعانيو ويسكتو”، فلا مانع من بعض الاقتراحات العملية… التي قد تُضحكنا بدل أن نبكي:
1. توزيع سدادات أذن مجانية للسكان المجاورين مع كل رخصة فتح قاعة… مع إمكانية التجديد كل 6 أشهر.
2. فرض حظر التجوال على الأطفال أيام الأعراس، حمايةً لصحتهم النفسية ومستقبلهم الأكاديمي.
3. إدماج قاعات الأفراح في دروس الدفاع المدني كمناطق محتملة للانفجار السمعي، تستدعي استعدادًا خاصًا.
4. أو ببساطة… فتح مراكز دعم نفسي لكل من يسكن قرب قاعة، تحت شعار:
“زغرد ونسّيني همومي… ودّيني لطبيب الأعصاب يداويني.”
إخلاء مسؤولية:
كل ما ورد في هذا التقرير حقيقي… للأسف. وأي تشابه مع الواقع ليس من قبيل الصدفة، بل من فرط “النكافة اللي كتبرح حتى للفجر.”