الصين تواجه أكبر تفشٍّ لفيروس الشيكونغونيا وسط تحذيرات صحية إقليمية وعالمية

الجهوية الجديدة

في وقت تكافح فيه الصين تفشيًا غير مسبوق لفيروس الشيكونغونيا، يتزايد القلق الإقليمي والدولي من انتشار هذا المرض المنقول عبر البعوض، والذي تسبب حتى الآن في إصابة أكثر من 7,000 شخص في جنوب البلاد، وسط ظروف مناخية تسهّل انتقال العدوى، وتحذيرات من منظمات صحية عالمية.

بدأت أولى الحالات في مدينة فوشان بمقاطعة قوانغدونغ، وهي منطقة تشهد حاليًا فيضانات موسمية وطقسًا حارًا ورطبًا، ما أدى إلى انتشار كثيف لبعوضة الزاعجة المصرية والزاعجة النمرية، وهما الناقلان الرئيسيان للفيروس. وتوسّعت رقعة التفشي لاحقًا لتشمل هونغ كونغ، ماكاو، ومقاطعة هونان، في ما وصفته السلطات بأنه أسوأ انتشار للفيروس في تاريخ البلاد.

استجابت الحكومة الصينية بحزمة إجراءات صارمة وسريعة، تضمنت رش المبيدات وتوزيع الناموسيات (الشبكات الواقية من البعوض) على نطاق واسع، واستخدام الطائرات المسيّرة لتحديد بؤر تكاثر البعوض، إضافة إلى إطلاق ملايين من البعوض العقيم بهدف الحد من انتشار السلالة المسببة. كما فُرضت غرامات تصل إلى 10,000 يوان، وقطع الكهرباء عن المنازل التي لا تزيل مصادر المياه الراكدة. وجرى عزل المرضى وتكثيف الفحوصات الميدانية، إلى جانب إصدار إرشادات طبية وطنية محدثة لتحسين التشخيص والاستجابة السريرية. وقد زار نائب رئيس الوزراء الصيني، ليو قوه تشونغ، المنطقة المتضررة وأمر بـ”جهود شاملة وسريعة” لاحتواء الفيروس ومنع انتشاره إلى مدن كبرى أخرى.

على المستوى الدولي، أصدرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) في الولايات المتحدة تحذيرًا من المستوى الثاني بخصوص السفر إلى قوانغدونغ، داعيةً الزوار إلى اتخاذ احتياطات إضافية، مثل استخدام طارد الحشرات وتجنّب المناطق كثيفة البعوض.

فيروس الشيكونغونيا هو فيروس ينتقل عبر لدغات بعوضة “Aedes”، التي تنشط خصوصًا في المناطق الحارة والرطبة، وينتشر عادة في آسيا، وأفريقيا، وأمريكا الجنوبية. تم اكتشافه لأول مرة في تنزانيا عام 1952. تبدأ أعراض المرض غالبًا بعد 3 إلى 7 أيام من اللدغة، وتشمل حمى شديدة ومفاجئة، وألمًا حادًا في المفاصل (قد يستمر لشهور)، إضافة إلى صداع وتعب وطفح جلدي وآلام عضلية. ورغم أن الوفيات نادرة، إلا أن المرض قد يكون خطيرًا على كبار السن، الأطفال، ومرضى الأمراض المزمنة.

لا يوجد حتى الآن علاج مضاد فيروسي محدد لشيكونغونيا حيث يعتمد العلاج حاليا فقط على الرعاية الداعمة التي تشمل الراحة، شرب السوائل، واستخدام مسكنات الألم مثل الباراسيتامول ولا يوجد حاليًا لقاح مرخص، رغم وجود تجارب سريرية واعدة جارية في عدة دول.

يأتي هذا التفشي في الصين وسط تصاعد الإصابات عالميًا، حيث تم تسجيل أكثر من 240,000 إصابة و90 وفاة في عام 2025 وحده، مع بؤر انتشار في بوليفيا، كينيا، وسريلانكا. ويثير هذا الانتشار المتزايد مخاوف من تحول الشيكونغونيا إلى أزمة صحية دولية إذا لم تُتخذ تدابير وقائية عاجلة.

يشكل تفشي فيروس الشيكونغونيا في الصين ناقوس خطر صحيًا يسلّط الضوء على التهديدات المستجدة للأوبئة في ظل تغير المناخ والتحضر السريع. ويبقى تعزيز الوقاية المجتمعية، والرصد المبكر، والتعاون الدولي، عناصر حاسمة لكسر سلسلة العدوى ومنع تكرار مثل هذه السيناريوهات مستقبلاً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.