هدنة هشّة في السويداء: بين وعود الاستقرار وخلافات داخلية تعصف بالثقة

الجهوية الجديدة

في تطور جديد يشهده الجنوب السوري، أعلنت جهات رسمية ودينية في محافظة السويداء عن التوصل إلى اتفاق هدنة بين الحكومة السورية وممثلين عن بعض الفصائل المحلية، بوساطة عدد من الوجهاء ورجال الدين الدروز، من بينهم الزعيم الدرزي الشيخ يوسف جربوع. الاتفاق الذي جاء بعد موجة من التصعيد الأمني، ينص على وقف العمليات العسكرية، وسحب القوات الحكومية من بعض النقاط، وإنشاء نقاط أمنية مشتركة، مع تشكيل لجنة متابعة تضم شخصيات محلية، من دون توضيح آلية التنفيذ أو جهة الرقابة الفعلية.
ورغم هذا الإعلان، تتداول بعض المصادر أخبارًا عن اندلاع اشتباكات متفرقة عقب دخول الهدنة حيّز التنفيذ، ما يطرح تساؤلات حول مدى جدية الالتزام بها، وحقيقة قدرة الأطراف المحلية على ضبط عناصرها ومنع التصعيد مجددًا. وبينما لم يصدر أي نفي أو تأكيد رسمي بشأن تلك الحوادث، فإن مجرد تداول هذه الأخبار يعكس هشاشة التفاهم المبرم، وغياب الثقة التامة بين مختلف الفاعلين في المنطقة.
الانقسام الداخلي الذي تشهده السويداء يضيف مزيدًا من الغموض إلى المشهد. فقد رفض الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، هذا الاتفاق واعتبره غير شرعي، مؤكداً أن لا أحد يملك حق التوقيع على تفاهمات دون تفويض شعبي واضح من أبناء المحافظة. وأكد أن مطالب الحراك في السويداء لم تكن مطالب معيشية فحسب، بل سياسية تتعلق بالكرامة والعدالة والحكم الرشيد، محذرًا من الالتفاف على المطالب الشعبية أو محاولة تهدئة الغضب العام دون معالجة حقيقية للأسباب العميقة للأزمة.
في ظل هذه التطورات، انتشرت أخبار تفيد بأن مهمة الحفاظ على الهدنة قد أُسندت حصريًا إلى رجال الدين والوجهاء، غير أن المعطيات المتوفرة حتى الآن لا تدعم هذا الطرح بشكل واضح. فالاتفاق، وإن تم بوساطة رجال دين، لا يمنحهم صلاحيات تنفيذية حصرية، بل يشير إلى دورهم ضمن لجنة متابعة بالتنسيق مع أطراف حكومية وبعض ممثلي الفصائل. كما لم تُطرح آلية مستقلة أو ضامنة تتيح مراقبة تنفيذ الاتفاق، وهو ما يثير الشكوك بشأن قدرة هذا التفاهم على الصمود في وجه أي تصعيد محتمل.
في الوقت الذي يترقب فيه أهالي السويداء ما ستؤول إليه الأمور، يبقى مستقبل الهدنة مرهونًا بمدى التزام الأطراف بها، وبتوافر الحد الأدنى من التوافق الداخلي. وفي غياب إجماع حقيقي وضمانات واضحة، فإن مصير هذا الاتفاق يظل معلّقًا، وسط مخاوف من أن تكون التهدئة الحالية مجرد توقف مؤقت يسبق جولة جديدة من المواجهات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.