هوىً أندلسي للشاعر محمد العربي غجو

عبد النور مزين

لا يمكن أن تذكر الأندلس دون أن ينتابك ذلك الإحساس الدافق بالحنين الموجع الذي تعرف أنه لن يعود، تماما كالطفولة التي تحيى بداخلنا وتكبر معنا دون أن تشيخ أو تموت. هكذا هي إذن الأندلس وهكذا هو هواها الموجع أبدا.

تسحرني الأشبيليان/ يخطرْنَ كحمامٍ دمشقيٍ/ في العربات الملكية.” هكذا منذ مطلع القصيدة تمتزج كل الفضة في لجين على باب القصيدة. من حدائق دمشق وجمالها يصب الجمال موجعا وصافيا أقمار على ضفاف الوادي الكبير. ليس غريبا أن تبهرنا هذه “اللطخة” من الضوء من شاعر مجبول على عشق الجمال في القصيدة والحياة.

تشجيني أغاني الفادو/ وتنهمر دموعي/ لصوت أماليا رودريغس/ هكذا أنا هش ومنكسر/حين تصدح/ غيتارة فلاح موريسكي/ بوله عاشِقَيْن/ في ليل البيازين.”وفي نفس القصيدة ” ” قصيدة هوىً أندلسي” يمعن محمد العربي غجو في اللهو في جرحنا. كم هي حزينة لوعة الفادو الممزوج بشجن أماليا، تماما كحزن ذلك الزنجي لفراق أم في الكاب فير وهو على طريق الرق النهائي للكرايبي. صادق كان حزنه كحزن أماليا وكجرحنا الثاوي في كل قافية.

تمعن جمالا فينا وأن تصدر هذا الديوان بحلته الفاتنة وبحزنه الفاتن أيضا. أزرق فاتن كزرقة البحر في مآقينا ونحن نتطلع إلى حزننا أزرقا في الأفق. من شيرش إلى الحمراء. هكذا أتصورني وأنا أغوص في زرق الغلاف الفريدة، كزرقة آخر الليل في شوارع طنجة  البليلة. ” الضوء يمسكني من أصابعي/ يهدهدني/ يعكسني في مراياه الشفيفة/ ويقودني في ساعات الليل المتأخرة”. هكذا تقول قصيدة لطخة الضوء. لتربط الجمال بالجمال لا يفصلهما إلا زرقة دمع وحزن.

ومحمد العربي غجو شاعر ومترجم مغربي صدرت له دواوين مرفأ العيون و سوناتا الخريف، وهذا العام ديوان هوى أندلسي . وفي الترجمة صدر له “قناديل الروح، منتخبات من الشعر الهيسباني”  وقريبا تصدر له ترجمة رواية لروائية إسبانية تدور أحداثها في طنجة.

التعليقات مغلقة.