جبل تروبيك.. كنز تحت البحر بثروات استراتيجية واعدة

الجهوية الجديدة

في عمق المحيط الأطلسي، وعلى بُعد نحو 100 كيلومتر من السواحل الجنوبية للمملكة المغربية، يقع جبل تروبيك البحري، المعروف إعلاميًا بـ”جبل الكوبالت”، والذي تحول خلال السنوات الأخيرة إلى محور اهتمام عالمي نظراً لما يحتويه من ثروات معدنية هائلة تُعدّ من الأعمدة الأساسية للاقتصاد الأخضر المستقبلي.

تشير الدراسات الجيولوجية الحديثة إلى أن جبل تروبيك، وهو بركان خامد تحت سطح البحر، غني بتركيبة نادرة من المعادن الاستراتيجية، على رأسها الكوبالت، الذي يُعد عنصراً أساسياً في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية والتخزين الطاقي. ويُقدّر أن الجبل يحتوي على كميات من الكوبالت قادرة على إنتاج بطاريات لأكثر من 270 مليون سيارة كهربائية، أي ما يعادل 54 ضعف الاحتياطي العالمي المعروف حاليًا.

ولا يقتصر المخزون المعدني على الكوبالت فحسب، إذ يحتوي جبل تروبيك أيضاً على معادن نادرة وعالية القيمة مثل التيلوريوم، المستخدم في صناعة الألواح الشمسية، والفاناديوم الذي يُستخدم في تقنيات تخزين الطاقة، إلى جانب النيكل، الباريوم، المنغنيز، والرصاص. هذه التركيبة المعدنية تجعل من الجبل مصدرًا فريدًا لتلبية الطلب العالمي المتزايد على تكنولوجيا الطاقة النظيفة والتحول الرقمي.

من الناحية الاقتصادية، يُنظر إلى استغلال جبل تروبيك كفرصة استراتيجية للمغرب لدخول سوق المعادن النادرة بقوة، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية العالمية حول سلاسل التوريد. وقد شرع المغرب بالفعل في تعزيز بنيته الجيولوجية والبحثية في هذا المجال، إلى جانب التوقيع على شراكات مع شركات عالمية متخصصة، وفتح آفاق استثمارية لاستغلال الثروات البحرية بطريقة مستدامة وفعالة.

وبينما يتزايد الاهتمام الدولي بهذه المنطقة، تؤكد المملكة المغربية أحقيتها الكاملة في استغلال جبل تروبيك، استناداً إلى موقعه داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة، ووفقًا للقانون الدولي للبحار. ويشكل الجبل بذلك فرصة اقتصادية واستراتيجية غير مسبوقة للمغرب في أفق بناء اقتصاد أخضر قائم على الابتكار والموارد الوطنية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.