حريق حافلة تطوان يعيد للواجهة فساد ملفات عقود التدبير المفوض للنقل الحضري
بقلم الصحفي أسامة العماري
اندلعت زوال أمس الخميس النيران بإحدى حافلات النقل الحضري بمدينة تطوان على مستوى شارع الحسن بن المهدي غير بعيد عن مدار الحمامة البيضاء.
الحريق أتى على الحافلة التي كانت متجهة نحو مارتيل بشكل كامل دون أن يخلف خسائر في الأرواح، حيث نجى ركابها بأعجوبة، في حين تمت السيطرة عليه بعد تدخل عناصر الوقاية المدنية.
وقد شهدت تطوان في الأيام القليلة الماضية حوادث متكررة لحافلات النقل الحضري، آخرها حادثة انقلاب حافلة بحي حجر العروسة قبل أسبوعين، والتي أسفرت عن وفاة امرأة وإصابة ركاب آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.
وتعود أسباب هذه الحوادث للحالة الميكانيكية المتردية للحافلات، حيث أن جلها تجاوزت عمرها الافتراضي وأصبحت تشكل خطرا على الركاب وحركة السير بسبب أعطابها المتكررة خصوصا وأن من بينها من كانت مستعملة بمدن القنيطرة ومكناس، كما أن أسطول حافلات هذه الشركة لم يعد قادرا على تأمين جميع الخطوط المتفق عليها في دفتر التحملات، الأمر الذي دفع بالمجلس البلدي لتطوان قبل أيام إلى جلب حافلات أخرى مستعملة بكل من الدار البيضاء و طنجة لإنقاذ الموقف ومواجهة هذه المعضلة التي تزامنت مع العطلة الصيفية وما يرافقها من طلب متزايد على وسائل النقل بتطوان ومناطقها المجاورة.
وتبقى خطوة جلب الحافلات المستعملة حلا ترقيعيا لا غير، حيث كان من الممكن أن يلجأ المجلس البلدي إلى مساطر قانونية أخرى، كإرغام الشركة التي أكملت عامها العاشر بتطوان على تطبيق بنود دفتر التحملات، أو فسخ عقد التدبير المفوض الذي يجمعهما، وفتح الباب أمام شركات رائدة في المجال، خصوصا وأن هناك شركات مغربية وأجنبية نجحت في تدبير مرفق النقل الحضري بعدد من المدن المغربية.
ويشار كذلك أن الشركة المعنية تشتغل في مدن أخرى على غرار تطوان. ففي مدينة فاس على سبيل المثال لم تعد الشركة قادرة على تدبير مرفق النقل الحضري بالمدينة، حيث لم يعد يتجاوز أسطول حافلاتها 70 حافلة معظمها منتهية الصلاحية، بل وتم الشروع في استغلالها منذ البداية وهي مستعملة من طرف الوكالة المستقلة للنقل الحضري بفاس سابقا، ليصبح سكان المدينة في وضع لا يحسدون عليه، جعلهم يقفون بين مطرقة ندرة الحافلات واهترائها، وسندان انعدام وسائل نقل بديلة تراعي قدراتها المالية.
وفي مدينة مكناس تعاني الساكنة أيضا من ضعف خدمات هذه الشركة التي عمرت بالمدينة لأزيد من 15 سنة، حيث عمدت هذه الأخيرة مؤخرا إلى إدخال 14 حافلة جديدة وهو عدد هزيل و غير كاف لسد خصاص عدد من الخطوط التي ما يزال بعضها يعتمد على حافلات منتهية الصلاحية ومستعملة بمدن أخرى ولا تحفظ للراكب كرامته.
وجدير بالذكر أن فضائح هذه الشركة وصلت إلى قبة البرلمان من بوابة تقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي عرضته زينب العدوي الرئيس الأول للمجلس والذي تضمن عدة خروقات ارتكبتها وترتكبها هذه الشركة. وليبقى الصمت الرهيب للسلطات المختصة من رؤساء المجالس البلدية وعمال ومنتخبي هذه المدن، وقيام بعضهم بتجديد عقود تدبير النقل الحضري مع شركة لم يعد أحد يتفهم كيف ولماذا يتم فرضها على الساكنة بالرغم من تردي خدماتها، واستهتارها براحة وسلامة مستعملي حافلاتها المهترئة، محط جدال واسع.
التعليقات مغلقة.