عاشوراء: او عندما يمتزج الدين بالعادة والبدعة

بقلم الصحفي أسامة العماري

يعتبر عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم الحرام حسب التقويم الهجري، وهو اليوم الذي نجى الله فيه نبيه موسى عليه السلام من فرعون بمعجزة انشقاق البحر، واليوم الذي استشهد فيه سبط رسول الله محمد الحسين رضي الله عنه في معركة كربلاء، كما وقعت فيه العديد من الأحداث التاريخية، ويعتبر صيامه سنة عند أهل السنة، وهو كذلك يوم عطلة رسمية في بعض الدول كإيران والعراق ولبنان والبحرين والهند وباكستان.

صوم وتكفير عن الذنوب

يعد صوم يوم عاشوراء عند المسلمين السنة، سنة عن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك حسب الحديث الذي رواه البخاري عن ابن عباس «قدم النبي ﷺ المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: فأنا أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه“».

ومن عادات أهل السنة أيضا صوم يوم تاسوعاء (التاسع من محرم)ISRAEL وذلك مخالفة لليهود، وفقا لحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حينما صام رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: «يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى»، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صُمنا اليوم التاسع». فلم يأتِ العام المُقبل حتى توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم. رواه مسلم، كما قال الإمام الشافعي «يستحب صوم التاسع والعاشر جميعاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام العاشر، ونوى صيام التاسع».
وصيام هذا اليوم عند أهل السنة والجماعة له فضل كبير، فهو يكفر ذنوب السنة الماضية، وذلك حسب حديث مسلم في صحيحه عن النبي «صيام يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ»، كما روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عباس قوله: «مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ».

حزن ولطم وتطبير ومجالس عزاء

حلول شهر الله المحرم، هو نقطة انطلاق طقوس وبدع وعادات غريبة ومثيرة للجدل يقوم بها المسلمون الشيعة في كل أنحاء العالم تسمى عندهم بالشعائر الحسينية، تبدأ من أول أيام الشهر الحرام عن طريق إظهار الحزن، وصولا إلى يوم عاشوراء الذي يتحول إلى يوم حزن لا نظير له، حيث تقام مجالس العزاء، ومحاضرات وخطب ليبكي الناس على استشهاد حفيد رسول الله الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما في معركة كربلاء سنة 61 للهجرة، مرفوقة بشعائر أخرى مثيرة للجدل كاللطم، و ترديد قصائد الرثاء على اللاطمين تسمى باللطميات، وإعادة تمثيل مقتل الحسين، كما تطغى على هذه المجالس مظاهر الحزن والبكاء والتوشح بالسواد كما يصاحبها رفع أعلام خاصة بعاشوراء ودق الطبول.
CHI3Aو تقام كذلك مواكب لزيارة مقام الحسين في كربلاء بالعراق، ويقوم الشيعة بشعائر حسينية أخرى كالتطبير، والذي تستخدم فيه سيوف وسلاسل و أدوات حادة أخرى، حيث يضرب المطبرون رؤوسهم وظهورهم بهذه الأدوات لإحداث جراح لإسالة الدماء، ويكون التطبير غالبا بصورة جماعية وعلى شكل تجمعات ومسيرات تجوب الشوراع والأماكن العامة، وهو ما يزال التطبير رائجا في بعض الدول كالعراق وايران وباكستان والهند وأذربيجان، أما عن سبب ممارسة هذه الشعيرة الغريبة والمؤذية فهو مآزرة لآل بيت النبي وتجسيد لما يزعم به فقهاء ومعممي المذهب الشيعي حول ما فعلته شقيقة الحسين زينب بنت علي عندما ضربت رأسها بسيف أو بآلة حادة وسالت منه الدماء وذلك فور رؤيتها لأخيها الحسين مقطوع الرأس، كما تستمر هذه الشعائر حتى اليوم 20 من شهر صفر وهو ما يسمى بأربعينية الحسين.
أفراح وألعاب وأهازيج وفواكه جافة

وليوم عاشوراء بالمغرب أجواء وعادات متوارثة ومختلفة عن باقي دول العالم تتأرجح بين كفتي القبول والرفض، فلا يكتفي المغاربة بصوم اليوم التاسع والعاشر من محرم وإخراج الزكاة السنوية وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين، بل يتعدى ذلك بالقيام بطقوس خاصة بهذه المناسبة.

3ADATففي صباح يوم عاشوراء يقوم الأطفال برش الماء على المارة وهي العادة المعروفة محليا بزمزم، وهي عادة يرجح البعض أصلها للديانة اليهودية التي تعتبر الماء سببا في نجاة النبي موسى عليه السلام في يوم عاشوراء من بطش فرعون وجنوده، أما البعض الآخر فيرى أن أصلها شيعيا حيث يرش الأطفال المياه كي يروون عطش الحسين بعد ان قطعت عنه جيوش يزيد بن معاوية الماء خلال معركة كربلاء في يوم عاشوراء، كما يجول الأطفال من منزل لآخر مرتدين الأقنعة والملابس التنكرية يطلبون الفواكه الجافة أو حتى النقود وذلك بإلقاء السؤال على من يفتح الباب ”حق بابا عيشور؟” وهو تقليد شبيه بعيد الهالوين الذي يحتفل به أتباع الديانة المسيحية، كما يعتبر من أهم طقوس عاشوراء المغربية، حيث تقوم ساكنة الأحياء الشعبية بشراء الحلوى والفواكه الجافة وتحضيرها لحين قدوم الأولاد يوم عاشوراء.

ومن عادات الأسر المغربية في هذا اليوم الاستثنائي، اقتناء الألعاب لأطفالها وإدخال الفرح عليهم، كما تقوم الأمهات بإعداد وجبة الكسكس بالقديد أو الديالة الذي يتم تخزينه من أضحية عيد الأضحى خصيصا لهذا اليوم، إضافة إلى ذلك تجتمع النساء وتقمن بالعزف على آلات موسيقية إيقاعية بسيطة من دفوف وطعارج مرددات أهازيج وأغاني خاصة بعاشوراء من وحي الثقافة الشعبية المغربية، كما يقوم الأطفال أيضا بعد مغرب شمس يوم عاشوراء خاصة في الأحياء الشعبية والبوادي بإشعال نيران ضخمة في الساحات، ويحيط بها الأطفال وهم يرقصون ويرددون أهازيج خاصة، في مشهد شبهه بعض الباحثين في الشأن الديني بما يقوم به أتباع الديانة المجوسية المبنية على عبادة النار.

ولم يسلم يوم عاشوراء بالمغرب من ممارسة بعض العادات السيئة، أبرزها تراشق الأطفال بالبيض واللعب بالألعاب والقذائف النارية التي تتسبب في كل سنة في حوادث أليمة نتجت عنها حالات وفاة وعاهات مستديمة، كما يتخذ البعض يوم عاشوراء مناسبة للقيام ببعض أعمال السحر والشعوذة وزيارة الدجالين والعرافين، وهي أفعال تنم عن جهل وتخلف فئة معينة من مجتمعنا، تستغل المناسبات الدينية للقيام بأفعال أقل ما يمكن وصفها بالشيطانية.

التعليقات مغلقة.