“التوصيل السريع… إلى الفوضى!”

الجهوية الجديدة – حنان عزوز

يُقال إن المدن المغربية لا تنام. وهذا صحيح، لكنها لا تنام هذه الأيام ليس بسبب الأضواء ولا بسبب المقاهي، بل بسبب صوت دراجات التوصيل التي تحولت إلى أناشيد يومية، أو لنقل “إزعاج وطني”.
تخيل معي: أنت تنتظر الضوء الأخضر بهدوء، فجأة يأتيك “فارس” على متن دراجة نارية يمر بجانبك وكأنه في مشهد من فيلم أكشن. تمر لحظة صمت، ثم يليه آخر يقفز فوق الرصيف متفاديا المارة، وبعده ثالث يصرخ في الهاتف: “آجي نجيب ليك الطلبيّة فـ 7 دقايق!”… سبع دقائق فقط، لكن بعمر كامل من الرعب.
هؤلاء السائقون لا يعترفون بالقوانين. عندهم إشارات المرور مجرد ألوان للديكور الحضري. الأحمر جميل، لكن لا يعني التوقف، والأخضر جيد، لكنه في نظرهم مجرد بساط يمد لهم الطريق للانطلاق بلا توقف. أما البرتقالي، فلا أحد رآه أصلًا، لأنهم يمرون بسرعة الضوء.
المفارقة أن هذه الفوضى تأتي مغلفة بشعارات براقة: “نحن نوصلك بالعالم”، “طلبك عندك في لمح البصر”. لكن ما لا يقولونه هو أن هذا “اللمح” قد يُفقدك حذاءك، حقيبتك، أو حتى حياتك، إذا صادفك موتور غاضب في رحلة لإنقاذ بيتزا من البرودة”.
والأدهى من ذلك أن بعض المواطنين بدأوا يتعاملون مع الأمر كأنه أمر طبيعي: “آه عادي… الموتورات ديال التوصيل”. أي أننا انتقلنا من مرحلة الغضب إلى مرحلة الاستسلام، وكأننا نعيش في غابة حضرية حيث قانون السير مجرد إشاعة.
الحل؟ لا أحد يعرف. ربما يجب إدخالهم في مباريات “سباق رسمي” برعاية الدولة: الفائز يوصل البيتزا قبل أن تبرد، والخاسر يتعلم أخيرًا معنى الضوء الأحمر.
إلى ذلك الحين، نصيحتي: إذا سمعت زئير دراجة خلفك، لا تحاول أن تناقش المنطق ولا القوانين… فقط تنحَّ جانبًا، ودعهم يمرّون. فأنت في النهاية مجرد مواطن بسيط في مدينة اختطفتها “عصابة السرعة الفائقة”.

تعليق 1
  1. Ali يقول

    مقال جميل يناقش معطيات مهمة و أزمات نعيشها يوميا بمدينة طنجة، ولكن سؤالي هو ما هو حل توصيل البيتزا بدون ان تبرد و كيف يمكن توصيل الطلبات في وقت وجيز من دون ان يستعمل الدراجون السرعة، مع العلم أن هدفهم و شعارهم هو التوصيل السريع، في رأي أن حل هته المشكلة هي في أن يتم وسم مسار خاص بالدراجات النارية فقص دون دخول السيارات معهم، وفقكم الله

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.