في صيف قائظ آخر، وبينما تعاني الكرة الأرضية من الاحتباس الحراري، وتعاني الجيوب من ارتفاع الأسعار، يخرج علينا خطر موسمي جديد، أكثر فتكًا من أشعة الشمس وارتفاع الضغط: إنه… “سُرّة البطن”!
نعم، لقد أصبحت السرة ظاهرة اجتماعية، بل قضية وجودية تتطلب وقفة حازمة من علماء الاجتماع، ورجال الفقه، وخبراء الأرصاد، وربما من الأمم المتحدة، إذا استمر الوضع على ما هو عليه. فمنذ أن دخل الصيف أجواءنا، بدأت السّراويل ترتفع نحو الركبتين، والقمصان تتراجع بخجل نحو الأضلاع، لتبزغ السرة في كل زاوية وشارع، مثل نبتة الصبّار التي لا تحتاج سقى، لكنها تلسع من يقترب.
والسؤال المحير: لماذا السرة تحديدًا؟ أهي إعلان استقلال عن قيود الملابس؟ أم هي راية تمرد على ثقافة “السترة مزيانة”؟ أم هي محاولة يائسة للتكيّف مع مناخ مدننا التي تحولت إلى أفران جماعية؟
خبراء الموضة يرون أن السرة أصبحت “ترنداً” عالمياً، شأنها شأن الحواجب الرفيعة، والشفاه الممتلئة طبيعياً، والماسكات الطبيعية. وهم لا يرون فيها سوى تفصيلة فنية تُكمل المشهد البوهيمي لصيف متعرق. أما بعض المحافظين فيعتبرونها استفزازًا بصريًا، ومؤامرة على الرجولة الراشدة، وكأن السرة جهاز تحكم عن بعد في العقول.
وفي تصريح ساخر لمسؤول مجهول الهوية، قال: “كنا نظن أن أخطر ما في الصيف هو ضربة الشمس، لكن تبين أن ضربة السُرّة أشد وقعًا!” وأضاف بتنهيدة عميقة: “زمان كنا نرى القمر في السماء، اليوم نراه في السُرَر!”
لكن، دعونا نُنصف الحقيقة. فالسُرّة، في نهاية الأمر، عضو غير ناطق، بلا ذنب في ظهوره المتكرر. إنما المشكلة فيمن قرر أن يجعلها مركز الكون، وزينة الشارع، وعنوان الحرية الشخصية. فبين من يراها فنًا، ومن يراها فتنة، تبقى السُرّة في منتصف النقاش دائمًا، لا تعرف هل هي “إعلان موضة” أم “إعلان طوارئ أخلاقي”.
وبينما ينقسم الناس بين من يطالب بحظرها ومن يطالب بترخيصها، تبقى حرارة الشمس هي المنتصر الوحيد، تذيب المواقف والمبادئ، وتدعونا – جميعًا – أن نبحث عن ظلال لا سُرَر فيها.
في الختام، نطالب بإدراج “ظاهرة السُرّة” ضمن ملفات المناخ، فربما حين يبرد الطقس، تستر العقول، وتعود السُرر إلى أماكنها الطبيعية: خلف الأزرار، وفي ذكريات الطفولة… لا على أرصفة الجدل!